Cantravel
03-16-2014, 08:57 AM
الشاطئ الأبيض.. مدينة بحر الشمال البريطاني المجهولةhttp://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/08/10/02ac36f0-5c96-46b6-8bda-f205bb9e83cf_maincategory.jpg
كنت أعتقد أن الساحل الشمالي في أوروبا يخلق الكآبة في النفس، هكذا صوّره لي بعض الدارسين هناك من الطلبة الكويتيين، ولكن ما ان نزلت في محطة القطار الذي ركبته الى مدينة « الشاطئ الأبيض» حتى أيقنت بأن هؤلاء الطلبة لم يزوروا هذا المكان الجميل، أو على الأقل لم يجدوا الفرصة أو لم يعرفوا كيف يستمتعون بما فيه من وسائل للترفيه والراحة النفسية.
ركبت القطار (المترو) من نيوكاسل باتجاه الشاطئ الأبيض white bay وبعد 12 محطة وصلنا إلى الساحل، كانت الحياة في المدينة هادئة وتسير كأنها ساعة بيج بن، الكل يتحرك بهدوء والسيارات تتحرك كأنها مبرمجة بدقة بالغة، لا سرعة ولا تجاوز ولا تسمع أصوات البوق (الهرن) المزعج ولا يرعبك السائقون بحركاتهم كما نشاهد عندنا.
تعتبر مدينة الشاطئ الأبيض من المدن الصغيرة ويعتبرها البعض أحد أحياء مدينة نيوكاسل، بالرغم من أنها تبعد عنها 20 دقيقة بالقطار، بالرغم من أن عمرها تجاوز 3000 سنة(!) وهذا ما صدمني شاهدت في لوبي الفندق صورة الآثار القديمة التي تم اكتشافها فيها، حيث تعود الى ألف سنة قبل الميلاد، بهرتني بساطة المدينة ورونقها وتواضع أهلها، وأعجبت كثيرا بالطريقة التي استقبلني بها الأهالي هنا وهم لا يعرفون من أنا، لم أقدم اليهم ضمن وفد رسمي، ولم أكن أرتدي البدلة الرسمية، ومع ذلك كان الجميع يبتسم ويرحب ويفسح لي الطريق، وهذه كانت عادتهم مع الجميع، وليس معي وحدي بطبيعة الحال.
تنتشر في مدينة الشاطئ الأبيض العديد من الفنادق بصورة لافتة للنظر، فهي عبارة عن منزل صغير يحتوي على أربع غرف فقط، ولكنه راق جدا ومرتب وغرفته واسعة، ولا يكلف سوى 20 دينارا في الليلة الواحدة لشخصين، في البداية استغربت عدد الفنادق في المنطقة، فهي صغيرة، ولم أتوقع أن تكون سياحية لهذه الدرجة، ولكن بعد ثلاثة ايام وصلت إلى قناعة تامة بأن هذا العدد الكبير يحتاج الى الزيادة.
تتميز مدينة الشاطئ الأبيض في شمال بريطانيا بأن الشمس لا تغيب عنها في الصيف، وهذا ما جعلها محط أنظار أهالي تلك المناطق ومن يعيش فيها، لأن الشمس نادرة جدا هناك.. فيأتون اليها لكي يحظوا بأشعتها الجميلة ودفئها الرائع، ومن عادتي أنني أسأل موظف الاستقبال عن الأماكن التي أزورها في المدينة.. وفي الفندق الذي أقمت فيه كانت الموظفة شابة حسناء كأنها الشمس الساطعة في الخارج، سألتها عن السياحة فقدمت لي مجموعة من البروشورات الملونة المطبوعة بعناية، وطلبت مني أن أجلس على الكرسي المقابل لها في اللوبي وأقرأها مع كوب من الشاي الإنكليزي الأسود.
البحر الدافئ
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/08/10/777a5a45-3a05-4a61-a859-f1e679e1cfd4_maincategory.jpgكانت أولى وجهاتي السياحية في هذه المدينة هي البحر، لم أتوقع أن يكون بحر الشمال بهذه الروعة، كنت أعتقد أنه أزرق داكن وهائج، ولكنه لم يكن كذلك. كان أزرق مشربا ببياض جميل، والأطفال يركضون على ترابه الأصفر الفاقع، بينما الأمهات والنساء يفترشن الأرض تحت شمسية ملونة، أما الرجال فيجلسون على البارات الخشبية المتنقلة المنتشرة على الشاطئ، هذا باختصار وصف الوضع على الشاطئ، وأجمل ما في الموضوع عدم وجود ازدحام في المكان، بحيث يمكن للزائر أن يجلس في المكان الذي يختاره من دون أن يزعج الآخرين، قضيت على الشاطئ الجميل نصف نهار، ثم عدت الى الفندق استعدادا لوجبة العشاء التي تبدأ عادة قبيل المغرب ــ الساعة 9 مساء.
واين وخمرة
نصحتني حسناء الاستقبال في الفندق أن أذهب إلى مطعم «القطار» هناك أفضل مشاوي بحرية في المنطقة، ذهبت من دون تردد، كان الفندق عبارة عن قاطرة قطار قديمة من أيام البخار، حولها مالك المطعم إلى قاعة جميلة وزينها بألوان زاهية وألبس العاملين فيها زيا كالذي كان يرتديه بائع التذاكر في تلك الأيام، لم أتوقع أن يكون المطعم مزدحما، جلست على طاولة جميلة، وهي إحدى طاولات القطار القديمة، وجاء الجارسون، وكأنه أطل علي من القرن التاسع عشر، تحدث معي بلباقة فائقة وقدم وصفا دقيقا لقائمة الطعام، ثم همس لي مشيرا إلى بعض الوجبات، وتحدث بلهجة لبنانية «هادي الوجبات ما بتناسبك.. فيها واين وخمرة».
شكرته على نصيحته وعلمت منه أنه يعمل في هذه المدينة منذ ثلاث سنوات، ويدرس السياحة، وبعد أن انتهيت من الوجبة البحرية اللذيذة، نصحني أن أذهب إلى الجزيرة المقدسة، إذا كنت أحب مشاهدة كلاب البحر (الفقمة) لم يكن الأمر يحتاج إلى تفكير.. فهذه الحيوانات البحرية نادرا ما تتواجد في أماكن قريبة من الناس، فقررت التوجه إليها في صباح اليوم التالي مبكرا لأستفيد من الوقت، خرجت من المطعم القطار لأجد المدينة غارقة في نومها، لا يوجد أي مظهر للحياة فيها، ولا تسمع فيها سوى أصوات البارات والحانات، ولا ترى في الطرق سوى الواقفين في الهواء من أجل تدخين السيجار، لأن التدخين ممنوع في كل الأماكن المغلقة في بريطانيا، ولفت نظري أن بعض الأسر منعت التدخين حتى في المنازل، فترى أحد الأبوين أو كلاهما يقفان بملابس البيت عند السور الخارجي وهما يدخنان.
السنوك
استيقظت مبكرا لكي أكسب الوقت في رحلتي إلى الجزيرة المقدسة، كانت تبعد عن الشاطئ الأبيض 15 دقيقة بالباص، وعند المحطة التي توقفت فيها، يوجد كشك صغير ملون، قطعت تذكرة الدخول، وتحدثت إلى الرجل العجوز الجالس فيه عن حيوانات الفقمة، فأشار لي إلى خريطة قدمها لي، وقال «السنوك The Snook» وهو شاطئ على الجزيرة تنام الفقمات على ترابه الترابي الصخري، كان عدد السياح هناك كبيرا كما توقعت، ولكن الاقتراب منها ممنوع، وتصويرها عن قرب ممنوع أيضا، وحولها توزعت مجموعة من المقاهي الجميلة ذات طاولات صغيرة، ويمنع الحديث بصوت عال أو الضحك.. توقعت أن يكون الجلوس في هذه المقاهي رومانسيا، وهادئا مادام الضحك والحديث بصوت عال ممنوعا، ولكنني لم أستطع أن أجلس أكثر من عشر دقائق، هربت بعدها على الفور.. لأن صوت الفقمة كان مزعجا أكثر مما توقعت، أما الرائحة فحدث ولا حرج، واستغربت كلما نظرت إلى الجالسين على المقاعد ويستمعون إلى أصواتها ويتنسمون رائحتها، فتركتها وفضلت أن أتجول في الجزيرة بعيدا عن الفقمات وأصواتها القبيحة.
بارتر بوكس
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/08/10/bd8dc259-9ce7-47b0-8a51-18fff184d735_main.jpgضحكت علي حسناء الفندق بعد أن حكيت لها قصة الفقمة وصوتها القبيح، فأشارت علي أن أغير وجهتي، وأذهب إلى مكتبة بارتر Barter Books وهي أكبر مكتبة في بريطانيا للكتب المستعملة، فذهبت في اليوم التالي إليها على الفور ومن دون تردد، فأنا أحب الكتب والمكتبات خاصة القديمة منها، تبعد بارتر بوكس 15 دقيقة بالقطار عن الشاطئ الأبيض، وتقع في منطقة ألنويك وهي المنطقة التي تقع فيها قلعة هاري بوتر الشهيرة، توقفت أمام المبنى لحظات، وأنا أنظر إلى هذا الصرح الثقافي.. كان كبيرا وجميلا في نفس الوقت، ويعود بناؤه إلى عام 1850، هذه الأماكن تستوقفني أمامها، وكأنني أرى أمامي خيالا وليس واقعا، كان المبنى عبارة عن محطة قطار ألنويك الرئيسية بنيت عام 1775، ولكنها تحولت عام 1850 إلى مكتبة للكتب المستعملة، وهي عبارة عن طابقين وعشرات الممرات، وتجمع أكبر عدد من الكتب المستعملة في شتى المواضيع، إلى جانب مقهى سميت طاولاته بأسماء أشهر الكتاب والأدباء ورجال السياسة في بريطانيا، لم أشعر أنني قضيت في هذا المكان ست ساعات، مر الوقت عليّ سريعا، وأنا أتجول في أنحائه.. كل شيء هنا يدعوك إلى الاستمتاع بالثقافة والاطلاع، حتى أشكال وهيئات وثياب الناس الموجودين فيها كأنهم جزء منها، وفي جانب منها يوجد جناح لبعض الكتب المهمة وضعت للعرض فقط تحت اسم « الطبعة الأولى» فيها نسخة من أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى الإنكليزية لجون نيلسون، وفيها نسخة من أول ترجمة صحيح البخاري، وأول نسخة لترجمة كتاب كليلة ودمنة إلى الإنكليزية، إنها حقا مكتبة تستحق الزيارة.
كنت أعتقد أن الساحل الشمالي في أوروبا يخلق الكآبة في النفس، هكذا صوّره لي بعض الدارسين هناك من الطلبة الكويتيين، ولكن ما ان نزلت في محطة القطار الذي ركبته الى مدينة « الشاطئ الأبيض» حتى أيقنت بأن هؤلاء الطلبة لم يزوروا هذا المكان الجميل، أو على الأقل لم يجدوا الفرصة أو لم يعرفوا كيف يستمتعون بما فيه من وسائل للترفيه والراحة النفسية.
ركبت القطار (المترو) من نيوكاسل باتجاه الشاطئ الأبيض white bay وبعد 12 محطة وصلنا إلى الساحل، كانت الحياة في المدينة هادئة وتسير كأنها ساعة بيج بن، الكل يتحرك بهدوء والسيارات تتحرك كأنها مبرمجة بدقة بالغة، لا سرعة ولا تجاوز ولا تسمع أصوات البوق (الهرن) المزعج ولا يرعبك السائقون بحركاتهم كما نشاهد عندنا.
تعتبر مدينة الشاطئ الأبيض من المدن الصغيرة ويعتبرها البعض أحد أحياء مدينة نيوكاسل، بالرغم من أنها تبعد عنها 20 دقيقة بالقطار، بالرغم من أن عمرها تجاوز 3000 سنة(!) وهذا ما صدمني شاهدت في لوبي الفندق صورة الآثار القديمة التي تم اكتشافها فيها، حيث تعود الى ألف سنة قبل الميلاد، بهرتني بساطة المدينة ورونقها وتواضع أهلها، وأعجبت كثيرا بالطريقة التي استقبلني بها الأهالي هنا وهم لا يعرفون من أنا، لم أقدم اليهم ضمن وفد رسمي، ولم أكن أرتدي البدلة الرسمية، ومع ذلك كان الجميع يبتسم ويرحب ويفسح لي الطريق، وهذه كانت عادتهم مع الجميع، وليس معي وحدي بطبيعة الحال.
تنتشر في مدينة الشاطئ الأبيض العديد من الفنادق بصورة لافتة للنظر، فهي عبارة عن منزل صغير يحتوي على أربع غرف فقط، ولكنه راق جدا ومرتب وغرفته واسعة، ولا يكلف سوى 20 دينارا في الليلة الواحدة لشخصين، في البداية استغربت عدد الفنادق في المنطقة، فهي صغيرة، ولم أتوقع أن تكون سياحية لهذه الدرجة، ولكن بعد ثلاثة ايام وصلت إلى قناعة تامة بأن هذا العدد الكبير يحتاج الى الزيادة.
تتميز مدينة الشاطئ الأبيض في شمال بريطانيا بأن الشمس لا تغيب عنها في الصيف، وهذا ما جعلها محط أنظار أهالي تلك المناطق ومن يعيش فيها، لأن الشمس نادرة جدا هناك.. فيأتون اليها لكي يحظوا بأشعتها الجميلة ودفئها الرائع، ومن عادتي أنني أسأل موظف الاستقبال عن الأماكن التي أزورها في المدينة.. وفي الفندق الذي أقمت فيه كانت الموظفة شابة حسناء كأنها الشمس الساطعة في الخارج، سألتها عن السياحة فقدمت لي مجموعة من البروشورات الملونة المطبوعة بعناية، وطلبت مني أن أجلس على الكرسي المقابل لها في اللوبي وأقرأها مع كوب من الشاي الإنكليزي الأسود.
البحر الدافئ
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/08/10/777a5a45-3a05-4a61-a859-f1e679e1cfd4_maincategory.jpgكانت أولى وجهاتي السياحية في هذه المدينة هي البحر، لم أتوقع أن يكون بحر الشمال بهذه الروعة، كنت أعتقد أنه أزرق داكن وهائج، ولكنه لم يكن كذلك. كان أزرق مشربا ببياض جميل، والأطفال يركضون على ترابه الأصفر الفاقع، بينما الأمهات والنساء يفترشن الأرض تحت شمسية ملونة، أما الرجال فيجلسون على البارات الخشبية المتنقلة المنتشرة على الشاطئ، هذا باختصار وصف الوضع على الشاطئ، وأجمل ما في الموضوع عدم وجود ازدحام في المكان، بحيث يمكن للزائر أن يجلس في المكان الذي يختاره من دون أن يزعج الآخرين، قضيت على الشاطئ الجميل نصف نهار، ثم عدت الى الفندق استعدادا لوجبة العشاء التي تبدأ عادة قبيل المغرب ــ الساعة 9 مساء.
واين وخمرة
نصحتني حسناء الاستقبال في الفندق أن أذهب إلى مطعم «القطار» هناك أفضل مشاوي بحرية في المنطقة، ذهبت من دون تردد، كان الفندق عبارة عن قاطرة قطار قديمة من أيام البخار، حولها مالك المطعم إلى قاعة جميلة وزينها بألوان زاهية وألبس العاملين فيها زيا كالذي كان يرتديه بائع التذاكر في تلك الأيام، لم أتوقع أن يكون المطعم مزدحما، جلست على طاولة جميلة، وهي إحدى طاولات القطار القديمة، وجاء الجارسون، وكأنه أطل علي من القرن التاسع عشر، تحدث معي بلباقة فائقة وقدم وصفا دقيقا لقائمة الطعام، ثم همس لي مشيرا إلى بعض الوجبات، وتحدث بلهجة لبنانية «هادي الوجبات ما بتناسبك.. فيها واين وخمرة».
شكرته على نصيحته وعلمت منه أنه يعمل في هذه المدينة منذ ثلاث سنوات، ويدرس السياحة، وبعد أن انتهيت من الوجبة البحرية اللذيذة، نصحني أن أذهب إلى الجزيرة المقدسة، إذا كنت أحب مشاهدة كلاب البحر (الفقمة) لم يكن الأمر يحتاج إلى تفكير.. فهذه الحيوانات البحرية نادرا ما تتواجد في أماكن قريبة من الناس، فقررت التوجه إليها في صباح اليوم التالي مبكرا لأستفيد من الوقت، خرجت من المطعم القطار لأجد المدينة غارقة في نومها، لا يوجد أي مظهر للحياة فيها، ولا تسمع فيها سوى أصوات البارات والحانات، ولا ترى في الطرق سوى الواقفين في الهواء من أجل تدخين السيجار، لأن التدخين ممنوع في كل الأماكن المغلقة في بريطانيا، ولفت نظري أن بعض الأسر منعت التدخين حتى في المنازل، فترى أحد الأبوين أو كلاهما يقفان بملابس البيت عند السور الخارجي وهما يدخنان.
السنوك
استيقظت مبكرا لكي أكسب الوقت في رحلتي إلى الجزيرة المقدسة، كانت تبعد عن الشاطئ الأبيض 15 دقيقة بالباص، وعند المحطة التي توقفت فيها، يوجد كشك صغير ملون، قطعت تذكرة الدخول، وتحدثت إلى الرجل العجوز الجالس فيه عن حيوانات الفقمة، فأشار لي إلى خريطة قدمها لي، وقال «السنوك The Snook» وهو شاطئ على الجزيرة تنام الفقمات على ترابه الترابي الصخري، كان عدد السياح هناك كبيرا كما توقعت، ولكن الاقتراب منها ممنوع، وتصويرها عن قرب ممنوع أيضا، وحولها توزعت مجموعة من المقاهي الجميلة ذات طاولات صغيرة، ويمنع الحديث بصوت عال أو الضحك.. توقعت أن يكون الجلوس في هذه المقاهي رومانسيا، وهادئا مادام الضحك والحديث بصوت عال ممنوعا، ولكنني لم أستطع أن أجلس أكثر من عشر دقائق، هربت بعدها على الفور.. لأن صوت الفقمة كان مزعجا أكثر مما توقعت، أما الرائحة فحدث ولا حرج، واستغربت كلما نظرت إلى الجالسين على المقاعد ويستمعون إلى أصواتها ويتنسمون رائحتها، فتركتها وفضلت أن أتجول في الجزيرة بعيدا عن الفقمات وأصواتها القبيحة.
بارتر بوكس
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/08/10/bd8dc259-9ce7-47b0-8a51-18fff184d735_main.jpgضحكت علي حسناء الفندق بعد أن حكيت لها قصة الفقمة وصوتها القبيح، فأشارت علي أن أغير وجهتي، وأذهب إلى مكتبة بارتر Barter Books وهي أكبر مكتبة في بريطانيا للكتب المستعملة، فذهبت في اليوم التالي إليها على الفور ومن دون تردد، فأنا أحب الكتب والمكتبات خاصة القديمة منها، تبعد بارتر بوكس 15 دقيقة بالقطار عن الشاطئ الأبيض، وتقع في منطقة ألنويك وهي المنطقة التي تقع فيها قلعة هاري بوتر الشهيرة، توقفت أمام المبنى لحظات، وأنا أنظر إلى هذا الصرح الثقافي.. كان كبيرا وجميلا في نفس الوقت، ويعود بناؤه إلى عام 1850، هذه الأماكن تستوقفني أمامها، وكأنني أرى أمامي خيالا وليس واقعا، كان المبنى عبارة عن محطة قطار ألنويك الرئيسية بنيت عام 1775، ولكنها تحولت عام 1850 إلى مكتبة للكتب المستعملة، وهي عبارة عن طابقين وعشرات الممرات، وتجمع أكبر عدد من الكتب المستعملة في شتى المواضيع، إلى جانب مقهى سميت طاولاته بأسماء أشهر الكتاب والأدباء ورجال السياسة في بريطانيا، لم أشعر أنني قضيت في هذا المكان ست ساعات، مر الوقت عليّ سريعا، وأنا أتجول في أنحائه.. كل شيء هنا يدعوك إلى الاستمتاع بالثقافة والاطلاع، حتى أشكال وهيئات وثياب الناس الموجودين فيها كأنهم جزء منها، وفي جانب منها يوجد جناح لبعض الكتب المهمة وضعت للعرض فقط تحت اسم « الطبعة الأولى» فيها نسخة من أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى الإنكليزية لجون نيلسون، وفيها نسخة من أول ترجمة صحيح البخاري، وأول نسخة لترجمة كتاب كليلة ودمنة إلى الإنكليزية، إنها حقا مكتبة تستحق الزيارة.